التحكم بالعواطف بين علم النفس والقرآن
كيف تتحكم بعواطفك؟
إنها عملية بغاية البساطة وتحتاج فقط لمعرفة قانون بسيط وممارسة هذا القانون.
يخبرنا العلماء اليوم بأن هنالك عقل باطن هو الذي يتحكم بعواطف الإنسان وانفعالاته
ومشاعره بل وتصرفاته! ولكننا لا ندرك هذا العقل مباشرة لأنه عقل باطن أي خفي.
ولكن التجارب أثبتت حقيقة علمية وهي أن العقل الواعي والذي نفكر فيه ونتعامل
معه يتصل مع العقل الباطن بقنوات ضيقة. فأنت مثلاً تستطيع أن تعطي إيحاءً
لعقلك الباطن بأنك يجب أن تفعل شيئاً ما. ومع تكرار هذا
الإيحاء فإن العقل الباطن يستجيب ويبدأ فعلاً بالتغيير.
لقد وجد العلماء بأن الفترة التي ينشط فيها الاتصال بين العقل الواعي والعقل
الباطن هي فترة ما قبل النوم بدقائق، وفترة ما بعد الاستيقاظ من النوم بدقائق
أيضاً. فهذا هو الدكتور جوزيف ميرفي يخرج بنتيجة بعد آلاف التجارب
في كتابه "قوة عقلك الباطن"، والذي بيع منه أكثر من مليون نسخة!
هذه النتيجة هي أن أفضل طريقة للتحكم في الانفعالات والغضب هي
أن تردد كل يوم قبل النوم وبعد الاستيقاظ عبارات مثل:
"سوف أصبح من هذه اللحظة إنساناً هادئاً ومتزناً وبعيداً
عن الانفعالات وسوف تظهر هذه النتيجة في سلوكي غداً..".
لقد عالج الدكتور ميرفي العديد الحالات بهذه الطريقة وكانت النتائج ممتازة والجميع
حصل على تحسن في انفعالاته بل منهم من أصبح أكثر هدوءاً من الإنسان العادي!!!
والآن نتمنى أن يعلم الجميع وخصوصاً أولئك الذين لم تقنعهم تعاليم الإسلام
أن النبي الكريم قد تحدث عن هذه الظاهرة بوضوح، أي تحدث عن أهمية
الاتصال بالعقل الباطن في فترات ما قبل النوم وما بعد الاستيقاظ، وأمرنا
باستغلال هاتين الفترتين بالدعاء. ولكن ما هو هذا الدعاء؟
لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نردد كلمات قبل النوم وهي:
(اللهم إني أسلمتُ وجهي إليك وفوضّتّ أمري إليك وألجأتُ ظهري إليك
رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنتُ
بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت)
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. تأمل معي كم تحوي هذه الكلمات
من تفريغ لهموم وشحنات ومشاكل اجتماعية تراكمت طيلة اليوم!
وكم تحوي من اطمئنان واستقرار نفسي لمن يقولها قبل أن ينام.
إن علماء أمريكا يعالجون مرضاهم ويعلمونهم كيف يخاطبون أنفسهم:
"سوف أصبح من هذه اللحظة إنساناً هادئاً ومتزناً وبعيداً عن
الانفعالات وسوف تظهر هذه النتيجة في سلوكي غداً..".
ولكن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيف نخاطب الله تعالى
ونلقي بهمومنا وانفعالاتنا بين يدي الله ونسلّم له الأمر كله وهو سيفعل ما يشاء،
والسؤال: هل هنالك أجمل من أن يكون طبيبك هو الله سبحانه وتعالى؟!!
ونتذكر هنا قول سيدنا إبراهيم عليه السلام:
(الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
* وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
* وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)
[الشعراء: 78-82].
إذن هذه هي البرمجة القرآنية تعلمك أهم قاعدة في الشفاء وهي أن الله تعالى
هو من سيشفيك وليس عقلك الباطن أو طبيبك، وما هذه إلا وسائل هيّأها الله
لك لتستخدمها كطريق للشفاء. وهذا يعني أن قوة العلاج بالقرآن أكبر
بكثير من العلاج بخطاب النفس، ولكن إذا تم اللجوء
إلى القرآن وإلى علم النفس معاً فستكون النتيجة عظيمة