هل سمعتم بهذا الصحابي الجليل
سعيد بن عامر
ما في بارض حال المقدمات
اقرأوا -رحمكم الله- هذا الموقف لهذا الصحابي الجليل واعتبروا يا اولي الالباب
بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد بن عامر، فلا مفر من أن يكون هناك
بعض التذمر والشكوى.. على الأقل لتثبت حمص أنها لا تزال المنافس القوي
لكوفة العراق...وتقدم البعض يشكون منه، وكانت شكوى مباركة، فقد كشفت
عن جانب من عظمة الرجل، عجيب عجيب جدا..
طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواها، واحدة واحدة..
فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال: نشكو منه أربعا:
" لا يخرج الينا حتى يتعالى النهار..
ولا يجيب أحدا بليل..
وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما الينا ولا نراه،
وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا، وهي أنه تأخذه
الغشية بين الحين والحين"..
وجلس الرجل
وأطرق عمر مليا، وابتهل الى الله همسا قال:
" اللهم اني أعرفه من خير عبادك..
اللهم لا تخيّب فيه فراستي"..
ودعاه للدفاع عن نفسه، فقال سعيد:
أما قولهم اني لا أخرج اليهم حتى يتعالى النهار..
" فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب.. انه ليس لأهلي خادم،
فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه يختمر،
ثم اخبز خبزي، ثم أتوضأ للضحى، ثم أخرج اليهم"..
وتهلل وجه عمر وقال: الحمد لله.. والثانية..؟!
وتابع سعيد حديثه:
وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل..
فوالله، لقد كنت أكره ذكر السبب.. اني جعلت النهار لهم،والليل لربي"..
أما قولهم: ان لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما...
" فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس بي ثياب أبدّلها،
فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين..
وفي آخر النهار أخرج اليهم ".
وأما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين..
" فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة، وقد بضعت
قريش لحمه، وحملوه على جذعه، وهم يقولون له: أتحب أن محمدا
مكانك، وأنت سليم معافى..؟ فيجيبهم قائلا: والله ما أحب
أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها،
ويصاب رسول الله بشوكة..
فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته و أنا يومئذ من المشركين،
ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها، أرتجف خوفا
من عذاب الله،ويغشاني الذي يغشاني"..
وانتهت كلمات سعيد التي كانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاهرة..
ولم يمالك عمر نفسه ونشوه، فصاح من فرط حبوره.
" الحمد للله الذي لم يخيّب فراستي".!
وعانق سعيدا، وقبّل جبهته المضيئة العالية...
من كتاب "رجال حول الرسول"