راجع أصالحك
ضمينيني يا أرضي يا أمي يا طيبة
يا اللي من نفسي وروحي قريبة
راجع أبوس كل الحواري والبيوت
ناوي أعيش هنا وناوي اموت
مهما يكون في القلب من جرحك
خلاص نسيت خلاص أنا مسامحك
راجع عشان أراضيكي وأصالحك
كل شارع كل جامع حتي نيلك بيناديني
وفي غربتي أنا كنت سامع كان بيموتني حنيني
لأمي وأبويا وأخني وأخويا ولغية حمام فوق سطحنا
لبنت الجيران لطعم الأمان في بيت واخدنا كلنا
للعب العيال ونط الحبال ولزفة ماشية في حينا
وماترمنيش للغربة من تاني
ده أنا نبت أرضك وإنتي عنواني
مهما أضمك برضه وحشاني
يا مصر عشقك دمي وكياني
يامصر عشقك دمي وكياني
يا مصر عشقك دمي وكياني
********************
لكل من أحب الكلمات ويريد ان يستمع للأغتية
إضغط هنا********************
كانت هذه أغنية قدمت في برنامج غنائي اسمه "سوبر ستار" .. وبصراحة قدمت بشكل جميل من حيث الاداء والالحان والكلمات طبعا كما نراها هايلة. أنا شخصيا لا تعجبني غالبية الاغاني الوطنية التي تقدم ، حيث انني أراها لا تخرج عن نطاق الشعارات السرابية .. لا تحمل معني ، او منطق .. مشاعر مبتزلة ننادي بيها دون أي منطق .. طبعا انا اتحدث عن الاغاني الوطنية المعاصرة ، رغم ما تحمله من كلمات منمقة وجميلة ، أما الاغاني الوطنية القديمة فلا غبار عليها لان الوضع في زلك الوقت كان يختلف عن وضعنا الحالي ، حيث كانت مصر واقعة تحت سيطرة الاحتلال ، كما ان الشعب نفسه يحمل اخلاقا اندثرت في وقتنا المعاصر ، ولم يبق بيننا سوي الشكوي المرة من كل الاوضاع المثيرة للاشمئزاز ..
وبعد كل الهموم والالام التي يحيها الناس نجد اغنية تنادي بحب الوطن والاخلاص له والمناشدة من أجل الارتقاء به ،كما يقولون مصر ولادة . أنا طبعا لا ألوم ذلك الا انني لا احب الشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع . يعلم جميعنا اننا طوال الفترات الدراسية التي مررنا بها كانوا يدرسوا لنا تاريخ مصر وامجادها ويلقنونا دوما حتمية حبنا للوطن والولاء له ، هكذا دون أي جزور تثبت داخلنا وبطريقة طبيعة هذا الواجب ، لهذا نجد اننا في عصرنا هذا نعاني من مرض شديد الوطأة وهو " عدم الانتماء " .. نعم ، اننا ننتمي لبلدنا مجرد إنتماء شكلي وليس إنتماء موضوعي .. بيننا أناس كثيرون كل طموحاتهم ان يخرجوا من هذه البلد لأي دولة خارجية مهما كانت .. الوطن ليس كلمة تدور علي الالسن حروفها لتجنب غضب الحكومة .. الوطن هو انت .. هو المواقف التي مررت بيها .. هو كل الاماكن التي خطتها قدمك .. هو كل اصدقائك الذين عرفتهم علي ارضه .. هو كل النجاحات التي حققتها .. وهو كل المحاولات الفاشلة التي عشتها .. هو طبق الفول الذي تتناوله في الصباح ، وكوب الشاي " اللي في الخمسينة" .. هو الشمس المحرقة التي تسلخ جلدك في الظهيرة .. وهو النسيم العليل الذي يمر بين خصلات شعرت ويقبل وجنتيك في حميمة وحنان في العصاري .. وهو البرد الزمهارير الزي يقرص اعضائك في أخر الليل .. الوطن هو دائك ودوائك .. الوطن ليس كلمة نختصر بها الآلآف المعاني والاحاسيس ..
وهذه الاغنية " راجع أصالحك" اغنية معبرة حقا وبشكل صادق عن مصر
والمشاعر هنا صادقة لان كاتبها مر بتجربة الغربة
والتي نكون فيها اكثر حساسية ومصداقية مع انفسنا ..
أذكر يوم أن سمعت تلك الاغنية في التليفزيون اعتراض الاستاذ " بهاء الدين محمد " مؤلف الاغنية المعروف علي جملة " مهما يكون في القلب من جرحك خلاص نسيت .. خلاص أنا مسامحك" قائلا للمطرب بامتعاض " انت مين انت عشان تسامح مصر " .. بصراحة لم أجد ردة فعل افضل من ابتسامة ساخرة عقبتها بعلامة تعجب رسمتها علي وجهي .. لم يكن بمقدوري أكثر من ذلك.. للأسف أتعودنا اننا ما نعبرش بصراحة عن مشاعرنا ، ولو حصل يبقي أجرمنا .. وكأننا مش من حقنا نغضب ونثور من الاوضاع الغير مريحة في بلدنا اللي بتسبب في تمردنا عليها واول هذ التمرد يظهر في الهجرة منها لنذق عذابنا خارجها، لاننا لا نتحمل ان نلاقي هزا العزاب ونحن داخلها ، لانه لا يجوز ان تجرحك حبيبتك .. ولن تحتمل ابدا فكرة ان من تسعي لهلاكك هي أمك .. ومع ذلك لم يلتفت هذا المؤلف المبجل من الجملة التي عقبت تلك التي أغضبته وهي " راجع اراضيكي واصلحك " .. لأننا لا نستطيع مهما صدر من أمهاتنا الا ان نعود لهن .. نقبل أيديهن .. طالبين العفو والسماح .. ولكن كما سبق وقولت نحن نحب بلدنا تلقينا ، ولنا العذرفي ذلك ؛ فإعلامنا العزيز أصبح يقوم بوظيفة التلقين وليس نشر المعرفة وتوسيع المدارك ، وجميعنا يري حين يتم استضافة أحد المواطنين لأخذ رأيه في أي قضية لن تجده يقول الا ما قد سمعه عن تللك القضية ولن ينسي حرف واحد مما قد سمعه .