خلق الإسلام الحياء:
الحياء هو السمة الكبرى لهذا الدين الذي أكرمنا الله عز وجل به,
فلئن كانت الصرامة ملحوظة في تعاليم
اليهودية في زمن سيدنا موسى عليه السلام, فلقد كانت السماحة
ملحوظة في تعاليم المسيحية في زمن
سيدنا عيسى عليه السلام, ولكن نعمة الله عز وجل
علينا كانت عظيمة حيث جمعت تلك السمتين في ديننا
من خلال قوله تعالى:
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}.
وزادنا الله تعالى من فضله فجعل خُلُق الإسلام الحياء.
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا, وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ) رواه ابن ماجه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ ـ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ ـ شُعْبَةً,
فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ
الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ) رواه مسلم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الْحَيَاءُ مِنْ الإِيمَانِ, وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ,
وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ, وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ) رواه أحمد.
وعَنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(إنَّ الحَيَاْءَ وَالإِيْمَانَ قُرِنَا جَمِيعاً، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخر)
رواه ابن أبي شيبة.
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنْ الإِيمَانِ, وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ)
رواه الإمام أحمد. العيّ: قلة الكلام, والبيان: كثرة الكلام.
الحياء سمة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام:
عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه, قال:
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ
فِي خِدْرِهَا, وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ)رواه مسلم.
الحياءُ أَمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته:
أولاً:
بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الحياء
من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام,
ولا شكَّ بأنَّ اتباع سادة البشر يكمّل البشر,
لأنَّهم أكمل خلق الله عز وجل على الإطلاق.
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأنصاري رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: الْحَيَاءُ, وَالتَّعَطُّرُ, وَالسِّوَاكُ, وَالنِّكَاحُ)
رواه الترمذي.
ثانياً:
بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الحياء لا
يأتي إلا بخير وهل يوجد عاقل لا يريد الخير لنفسه
ولأهله ولأمته؟
عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رضي الله عنه,
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
(الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ, فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ:
إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ أَنَّ مِنْهُ وَقَارًا وَمِنْهُ سَكِينَةً,
فَقَالَ عِمْرَانُ:
أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صُحُفِكَ)
رواه مسلم.
ثالثاً:
بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الحياء
ما وُجِدَ في شيءٍ إلا زانه وجمَّله.
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا شَانَهُ,
وَلا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلا زَانَهُ)
رواه الإمام أحمد.
رابعاً:
بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ الحياء من الإيمان,
فمن كان فيه حياء كان فيه الإيمان,
ومن فقد الحياء فقد الإيمان شيئاً فشيئاً
حتى تنزع منه ربقة الإسلام والعياذ بالله تعالى.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ,
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ) رواه أبو داود.
فالعبد إذا فقد الحياء فإنَّه يتدرج من سيئ إلى أسوأ,
ومن رذيلة إلى أرذل,
ولا يزال يهوي حتى ينحدر إلى الدرك الأسفل من الرذائل,
حتى تُنزَع منه ربقة الإسلام والعياذ بالله تعالى.
خامساً:
بيَّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الحياء,
لأنَّه قد يتحلى الإنسان بخلق الحياء
فيُفوِّت عليه الخير العظيم, كما قال مجاهد رحمه الله:
لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر,
وربما بالحياء المذموم يقع في المخالفات الشرعية من حيث لا يدري.
لذلك علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الحياء الذي لا يأتي إلا بخير.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ. قَالَ: قُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ, قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ,
وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ
وَمَا وَعَى, وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى, وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ
وَالْبِلَى, وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا,
فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ)
رواه الترمذي.
تابعونا