(ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد )
يقول الله عز وجل:
اذ يتلقي المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .
ويشير علماء الاسلام الي أن هذه الأية فيها تذكير للمؤمنين برقابة الله عز وجل
التي لا تتركه لحظة من اللحظات, ولا تغفل عنه في حال من الأحوال, حتي
فيما يصدر عنه من أقوال, وما يخرج من فمه من كلمات; كل قول محسوب
له او عليه, وكل كلمة مرصودة في سجل اعماله يسجله الملكان
في الدنيا ويوم القيامة ينكشف الحساب ويكون الجزاء.
ولذلك كان علقمة رحمه الله وهو احد رواة هذا الحديث يقول:
كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث فكان يمتنع عن كثير من الكلام
حتي لا يسجل عليه قول او ترصد عليه كلمة من اللغو الذي لا فائدة فيه:
قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون.
المؤمنون:1ـ3.
وروي الترمذي عن رسول الله قال:
اذا اصبح ابن آدم فإن الاعضاء كلها تكفر اللسان تقول:
اتق الله فينا فإنما نحن بك, فإن استقمت استقمنا, وان اعوججت اعوججنا.
وروي الترمذي عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال
قلت يا نبي الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال:
ثكلتك امك يا معاذ.
وهل يكب الناس في النار علي مناخرهم الا حصائد السنتهم؟
اي جزاء ما تكلموا به من الحرام.
فللسان فيها اكبر النصيب,
واذا سمح الانسان للسانه ان يلغو في هذه الاعراض وغيرها كان عرضة للنهاية
التعيسة والإفلاس في الآخرة, وشتان بين افلاس الدنيا وافلاس الآخرة.
روي مسلم عن ابي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ان رسول الله قال: اتدرون من المفلس؟
قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع,
قال: المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة,
ويأتي وقد شتم هذا, وقذف هذا, واكل مال هذا وسفك دم هذا, وضرب هذا,
فيعطي هذا من حسناته, وهذا من حسناته, فإن فنيت حسناته قبل ان يقضي
ما عليه اخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
وفي الحديث الذي يرويه البيهقي ان العبد ليقول الكلمة لا يقولها الا ليضحك
بها المجلس يهوي به ابعد ما بين السماء والارض, وان المرء ليزل عن لسانه
اشد مما يزل عن قدميه لقد كان خوف السلف من آفات اللسان عظيما.
فهذا عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ
يقول: وما شيء احوج الي طول سجن من لسان.